فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليلة القدر}
لا تعارض بينه وبين قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}؛ لأنّ الليلة المباركة هي ليلة القدر وهي من رمضان بنصّ قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن} فما يزعمه كثير من العلماء من أن الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان تردّه هذه النصوص القرآنية والعلم عند الله تعالى. اهـ.

.من فوائد محمود غريب في السورة الكريمة:

قصة القرآن الكريم:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ المصطفى.
أما بعد:
نعيش اليوم مع قصة القرآن الكريم..وتبدأ القصة بالمرحلة الأولى... وأعني بها المرحلة التي قضاها القرآن في الملأ الأعلى قبل أن ينزل على رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم فالقرآن قديم لأنه كلام الله وقد أودعه الله في خزينة الأسرار- في اللوح المحفوظ- يوم خلق السّموات والأرض وظل القرآن هناك تنتظر الدنيا علي شوق..... الإنسان العظيم الذي سينزل عليه حتى بعث النبيّ الكريم... صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين.
وهذه المرحلة هي التي عنتها النصوص القرآنية الآتية:
{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقرآن كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة 75 – 80]
والله تعالى عندما يقسم علي كرم القرآن بمواقع النجوم فهذا القسم يحكي دقة تنظيم النجوم في السّماء كما يحكي دقة تنظيم الآيات في القرآن... إنه لقرآن كريم لأن الذي نزل من عنده كريم ونزل على نبيّ كريم ونزل بدين كريم كما أنه كريم لأنه يجود على كل سائل ويعطي كل قاصد... في كتاب مكنون هذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ قال تعالى: {بَلْ هُوَ قرآن مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج 21– 22] وظل القرآن في لوح محفوظ لا يصل إليه سوى الملائكة المطّهّرون وهم الذين عناهم الله بهذا الوصف العظيم {لا يمسه إلا المطهرون} وقد أكدت هذا القول سورة عبس قال تعالى في وصف الملائكة الذين تصل أيديهم الطاهرة إلى القرآن في اللوح المحفوظ...
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} عبس 11- 16
ولعل هذا هو السر في أن الرسول الكريم أخبر أن قارئ القرآن المتقن لقراءته مع السّفرة الكرام البررة...
وهذا البيان القرآني يبطل دعوى المشركين التي يقولون فيها أن محّمدا يعلمه شيطان... صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم حاشا لله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقول شَيْطَانٍ رَجِيمٍ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير 25 – 26] وذلك لأن الشّياطين لا تمس اللوح المحفوظ... ثمّ لأنّ الشّياطين لا تستهدف الإصلاح... والقرآن كله إصلاح...
قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء 210 – 212] ولعل هذا (اطلاع الملائكة على اللوح المحفوظ) هو الذي أعلم الملائكة أن بني آدم سيسفكون الدماء ويفسدون في الأرض مما جعلهم يتساءلون- بحثا عن سر الخلافة وليس اعتراضا على الله- {وَإِذْ قال رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قالواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة 30] وأقول (بحثا عن السر وليس اعتراضا على الله) لأن الملائكة لا يسبقون الله بإعلان رأيهم {وَقالوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولدا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقول وَهُم بِأمرهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء 26 – 27] هكذا كان القرآن في الملأ الأعلى إلى أن نزل على النبي العظيم... صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين فلما بدأ نزوله على النبيّ- المرحلة الثانية- من القصة نزل القرآن بكل ما له من خصائص... فهو في كتاب مكنون لا يصل إليه الفساد ولا يؤثر فيه الزمن قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر9] {لا يمسه إلا المطّهّرون} فلا يجوز لغير المتوضئ لمسه إلا بغلاف وهذا الحكم أسسته السّنة المطّهّرة حتى يبقى للقرآن في المرحلة الثانية خصائص المرحلة الأولى كاملة وظل القرآن في الأرض يعلم ويربي ويقود مسيرة الدنيا كاملة... يحكم فيطاع ويأمر فتلبي النفوس وينهى فتنزجر الضمائر إلى أن جاءت المرحلة الثالثة... وفيها ظهر طراز من الناس يحكم على القرآن برأيه ويهاجمه بهواه ويحمله نتيجة جهله المشين بلا حياء يناقش الشاب فيقول لي: إن القرآن لا يصلح لركب الحياة الآن وأرفق به واسأله: هل قرأت القرآن مرّة واحدة؟ فأعلم أنه لم يفتحه في يوم من الأيام! كيف يحكم على القرآن من لم يدرسه أو حتى يقرأه؟ أو يقول أحدهم إن القرآن قد أدى رسالته في الزمن الماضي وسلّم للعلم قيادة الحياة واسأل:- لو أن قرآنا نزل اليوم ماذا يقول؟ هل سيقول اعبدوا الله تعالى أو يأمر بالكفر به؟ هل سيأمر بمعروف أو بمنكر؟ هل سيأمر بالتعاون بين طبقات الأمة أم لا؟ إن كان من عند الله تعالى فلابد سيأمر بالخير والخير موجود في القرآن القديم....فماذا يفعل القرآن الجديد؟
وأي تعارض بين القرآن والعلم حتى يتصور بعض الناس أنهما يتنازعان القيادة...... ألم يأمر الإسلام بالعلم ويكرّم العلماء؟؟ إنّ العلم مفتاح الكون.......والكون آية على عظمة الله تعالى فأي تعارض بين كون الله تعالى وكتابه.
ويجب أن يعلم القارئ الكريم أن لكل أمة ثقافة توجّه فكرها وتمجد تراثها هذه الثقافة تختلف فيها الأمة مع الأمم الأخرى لأن لكل أمة تراثها وثقافتها وهي مع ذلك تشترك مع الأمم الأخرى في الحقائق العلمية فالعلم مشترك بين الجميع لا تختلف فيه أمة مع الأخرى فأي تعارض بين الثقافة الإسلامية والتسابق العلمي فلنأخذ العلم من كل مكان ولنقدس ديننا العظيم هذه قصة القرآن في مراحله الثلاثة أوضحها لك حتى لا نخطئ فهم القرآن. (حتى لا نخطئ فهم القرآن للشيخ محمود غريب).

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة القدر:
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليلة القدر (1)}
قوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ}: أي: القرآن، أُضْمِرَ للِعْلمِ به. و{في ليلة القدر} يجوزُ أَنْ يكونَ ظرفًا للإِنزالِ. وفي التفسير: أنه أَنْزَلَه إلى السماءِ الدنيا في هذه الليلةِ. ثم نَزَلَ مُنَجَّمًا إلى الأرض في عشرينَ سنة.
وقيل: المعنى: أَنْزَلَ في شأنها وفَضْلِها. فليسَتْ ظرفًا، وإنما هو كقول عُمَرَ: «خَشِيْتُ أَنْ يَنْزِلَ فيَّ قرآن» وقول عائشة: «لأَنا أَحْقُر في نفسي أَنْ يَنْزِل فيَّ قرآن» وسُمِّيَتْ ليلة القدر: إمَّا لتقديرِ الأمور فيها، وإمَّا لضِيقِها بالملائكةِ.
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أمر (4)}
قوله: {والروح فِيهَا}: يجوزُ أَنْ يرتفعَ {الرُّوحُ} بالابتداءِ، والجارُّ بعدَه الخبرُ، وأن يرتفعَ بالفاعلية عطفًا على الملائكةِ، و{فيها} متعلق بـ: {تَنَزَّلُ}.
قوله: {بِإِذْنِ رَبِّهِم}: يجوزُ أَنْ يتعلق بـ: {تَنَزَّلُ} وأَنْ يتعلق بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من المرفوع بـ: {تَنَزَّلُ} أي ملتبسًا بإذن ربِّهم.
قوله: {مِّن كُلِّ أمر} يجوزُ في {مِنْ} وجهان:
أحدهما: أنها بمعنى اللام. ويتعلق بـ: {تَنَزَّلُ}، أي: تَنَزَّلُ مِنْ أجلِ كلِّ أمر قُضي إلى العامِ القابل:.
والثاني: أنَّها بمعنى الباء، أي: تتنزَّلُ بكلِّ أمر، فهي للتعدية، قاله أبو حاتم.
وقرأ العامَّةُ {أمر} واحد الأمور. وابن عباس وعكرمة والكلبي {امرئ} مُذ‍كَّرُ امرأة، أي: مِنْ أجلِ كلِّ إنسانٍ.
وقيل: مِنْ أجل كلِّ مَلَكٍ، وهو بعيدٌ.
وقيل: {مِنْ كلِّ أمر} ليس متعلقا بـ: {تَنَزَّلُ} إنما هو متعلق بما بعده، أي: هي سلامٌ مِنْ كلِّ أمر مَخُوفٍ، وهذا لا يتمُّ على ظاهرِه لأنَّ {سَلامٌ} مصدرٌ لا يتقدَّم عليه معمولُه، وإنما المرادُ أنَّه متعلق بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه هذا المصدرُ.
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفجر (5)}
قوله تعالى: {سَلاَمٌ هِيَ} فيه وجهان:
أحدهما: أنَّ {هي} ضمير الملائكة، و{سلام} بمعنى التسليم، أي: الملائكة ذاتُ تَسْليمٍ على المؤمنين. وفي التفسير: أنهم يُسَلِّمون تلك الليلةَ على كلِّ مؤمنِ ومؤمنة بالتحية.
والثاني: أنها ضميرُ ليلة القدر، وسلامٌ بمعنى سَلامة، أي: ليلة القدر ذاتُ سلامةٍ مَنْ شيءٍ مَخْوفٍ. ويجوزُ على كلٍ من التقديرَيْن أَنْ يرتفعَ {سلامٌ} على أنه خبرٌ مقدمٌ، و{هي} مبتدأٌ مؤخرٌ، وهذا هو المشهورُ، وأنْ يرتفع بالابتداء و{هي} فاعلٌ به عند الأخفشِ، لأنه لا يَشْتَرِطُ الاعتمادَ في عَمَلِ الوصفِ. وقد تقدَّم أَنْ بعضَهم يجعلُ الكلامُ تامًَّا على قوله: {بِإِذْنِ رَبِّهِم} ويُعلق {مِنْ كلِّ أمر} بما بعدَه، وتقدَّم تأويلُه.
وقال أبو الفضل: وقيل: معناه: هي سلامٌ مِنْ كلِّ أمر أو امرئ، أي: سالمةٌ أو مُسَلَّمةٌ منه. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ {سلامٌ}- هذه اللفظةُ الظاهرةُ التي هي المصدر- عاملًا فيما قبله لامتناع تقدُّمِ معمولِ المصدرِ على المصدرِ، كما أنَّ الصلةَ كذلك، لا يجوزُ تقديمُها على الموصول. انتهى.
وقد تقدَّم أنَّ معنى ذلك عند هذا القائلِ أَنْ تتعلق بمحذوفٍ مَدْلولٍ عليه بـ: {سَلام} فهو تفسيرُ معنىً لا تفسيرُ إعرابٍ. وما يروى عن ابنِ عباس أنَّ الكلامَ تَمَّ على قوله تعالى: {سلامٌ} ويُبْتدأ بـ: {هي} على أنَّها خبرُ مبتدأ، والإِشارةُ بـ: {ذلك} إلى أنها ليلةُ السابعِ والعشرين، لأن لفظةَ {هي} سابعةٌ وعشرون مِنْ كَلِمِ هذه السورةِ، وكأنَّه قيل: ليلة القدر الموافقةُ في العددِ لفظةَ {هي} مِنْ كِلَمِ هذه السورةِ، فلا ينبغي أن يُعْتَقَدَ صحتُه لأنه إلغازٌ وتبتيرٌ لنَظْم فصيحِ الكلامِ.
قوله: {هِيَ حتى مَطْلَعِ} متعلق بـ: {تَنَزَّلُ} أو بـ: {سَلامٌ} وفيه إشكالٌ للفَصْلِ بين المصدرِ ومعمولِه بالمبتدأ، إلاَّ يُتَوَسَّعَ في الجارِّ. وفي التفسير: أنهم لا يَزالون يُحَيُّون الناس المؤمنين حتى يَطْلُعَ الفجر.
وقرأ الكسائي {مَطْلِعِ} بكسر اللام، والباقون بفتحها، والفتح هو القِياسُ والكسرُ سماعٌ، وله أخوات يُحْفَظُ فيها الكسرُ ممَّا ضُمَّ مضارعُه أو فُتح نحو: المَشْرِق والمَجْزِر. وهل هما مصدران أو المفتوحُ مصدرٌ والمكسور مكانٌ؟ خِلافٌ. وعلى كلِّ تقديرٍ فالقياسُ في المَفْعِل مطلقًا مِمَّا ضُمَّتْ عينُ مضارعِه أو فُتِحَتْ فَتْحُ العينِ، وإنما يقعُ الفرقُ في المكسور العينِ الصحيح نحو: يَضْرِب. اهـ.